ماذا تفعلون خلال شهر الصيام ؟.
الحمد لله
خص الله تعالى شهر رمضان بخصائص وفضائل ليست في غيره من الشهور ،
فهو سيد الشهور ، ولله تعالى أن يختار بعض الشهور على بعض ، وأن يفضل بعض الليالي
على بعض ، كما قال سبحانه : ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ )
القصص/68 .
وجعل الله تعالى في رمضان ليلة القدر ، التي قال الله عز وجل
عنها : ( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) القدر/3
. أي أن العبادة فيها أكثر ثواباً وأجراً من العبادة في ألف شهر ،
وهو من عظيم فضل الله على هذه الأمة .
وليلة القدر تكون في العشر الأخير من رمضان ، ولهذا يجتهد
المسلمون في هذه العشر في العبادة أكثر من غيرها التماساً لهذه الليلة المباركة .
وأما ما نفعله - نحن المسلمين - في رمضان ، فإننا نتقرب إلى الله
، ونجتهد في عبادته ، وقد شرع لنا أنواعاً من العبادات التي يحب أن نتقرب إليه بها
، فمن ذلك :
1- الصيام ، وهو الامتناع عن الأكل والشرب والجماع وما ألحق بها
من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، ولسنا الأمة الوحيدة التي فرض الله عليها الصيام ،
بل ما من أمة من الأمم السابقة إلا فرض الله عليها الصيام ، قال الله تعالى : ( يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة/183
.
2- الإكثار من الصلاة بالليل (صلاة التراويح) .
وقيام الليل له أثر عجيب في تهذيب النفوس وإصلاحها ، وهو أيضاً
من أسباب مغفرة الذنوب .
3- قراءة القرآن .
فرمضان هو شهر القرآن ، ففيه بدأ نزول القرآن على النبي صلى الله
عليه وسلم . ولهذا تجد المسلمين يختمون القرآن قراءةً في رمضان ، فمنهم من يختمه
مرة أو مرتين ، وأكثر من ذلك . وقد علم المسلم أن قراءة الحرف الواحد من القرآن
الكريم بعشر حسنات ، وأن قراءة صفحة واحدة فيها آلاف الحسنات .
4- الصدقة ، وإطعام الطعام .
كان نبينا صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في
رمضان .
ورغبنا نبينا صلى الله عليه وسلم في إطعام الطعام ، وتفطير
الصائم ، حتى جعل ثواب من فَطَّر صائما مثل أجر الصائم ، من غير أن ينقص من أجر
الصائم شيئاً .
5- الدعاء .
فرمضان شهر الدعاء ، فدعوة الصائم مستجابة ، وللصائم عند فطره
دعوة لا ترد .
6- الاعتكاف .
وهو المكث في المسجد لأجل التفرغ لطاعة الله تعالى وعبادته ، وهو
مسنون في العشر الأواخر من رمضان التماساً لليلة القدر .
7- وقد فرض الله في آخره زكاة تسمى زكاة الفطر ، تطهر الصائم مما
حصل في صومه من اللغو والرفث ، وتكون طعمة وإعانة للمساكين .
وهي فرض على الصغير والكبير والذكر والأنثى من المسلمين ، وهي
وسيلة من وسائل الشعور بوحدة المجتمع المسلم ، وتماسكه وتراحمه .
8- ثم شرع الله للصائمين صلاة العيد ، تكون خاتمة لأعمالهم
الحسنة التي أدوها في رمضان ، واجتماعا لهم يظهرون فيه الفرح والسرور والشكر لله
تعالى .
والحاصل أن المسلم الموفق يقضي شهر رمضان في صوم وصلاة وقيام
وذكر وتلاوة للقرآن ، ويختمه باعتكاف وزكاة ، مع الحرص على صلة الأرحام ، وبذل
المعروف ، وكثرة الإنفاق في سبيل الله ، وغير ذلك من أعمال البر والخير . فيكون
رمضان موسم خير له ، يتزود فيه من الطاعات ، ويتخلص فيه من الأوزار والسيئات ، ففي
كل ليلة من رمضان يعتق الله أناسا من النار ، يتجاوز عن سيئاتهم ، ويغفر لهم زلاتهم
، ولهذا كان شهر رمضان أحب الشهور إلى المسلمين ، وهم يشعرون فيه بالسعادة والسرور
، والأنس والاطمئنان ، ويتمنون أن تكون السنة كلها رمضان .
ولعلك تزور أحد المراكز الإسلامية لترى بنفسك البهجة والفرحة
التي يعيشها المسلمون في رمضان ، صغارا وكبارا ، وذلك من أثر الطاعة والعبادة كما
سبق .
نسأل الله أن يهديك لما فيه خيرك وسعادتك في الدنيا والآخرة .
والله أعلم .