- مواقع النجوم في السماء
لتحديد مواقع النجوم في السماء لابد لنا من مرجع سماوي يُرجع له لتحديد هذه المواقع. فالقبة السماوية تنقسم إلى قسمين أحدهما شمالي والآخر جنوبي، كما يتضح من الشكلين :-
يفصل بينهما خط الاستواء السماوي؛ وهو دائرة تقطع السماء من الشرق إلى الغرب، ويعتبر امتدادا لخط الاستواء الأرض. وعلى ذلك تسمى النجوم والبروج التي تقع إلى جنوب خط الاستواء بالنجوم أو البروج الجنوبية أو اليمانية (نسبة إلى اليمن كما سماها عرب الجزيرة العربية في الماضي لأن اليمن تقع إلى الجنوب منهم). وكذلك فالنجوم التي تقع إلى الشمال من خط الاستواء السماوي تسمى النجوم الشمالية أو الشامية (نسبة إلى بلاد الشام التي تقع إلى شمال الجزيرة العربية). فالنجوم الجنوبية ترى من نصف الكرة الشمالي قريبة من الأفق الجنوبي للسماء، فيُرى "سهيل" في بلاد الشام والعراق وشمال الجزيرة العربية ومصر في الأفق الجنوبي وباتجاه الجنوب تماماً، بينما لا يُرى "سهيل" من تركيا أو أوروبا، ويُرى في الصومال أو استراليا في كبد السماء.
والنجم سهيل، أبيض مصفر، يبدو في السماء نجماً وحيداً لا ينتمي إلى برج أو مجموعة من النجوم. فهو من النجوم الساطعة، يظهر في أقصى الأفق الجنوبي عند مشاهدته من البلاد العربية، وأفضل وقت لرؤيته هو شهرا يناير وفبراير، ويرى عادة إلى الجنوب من برج الكلب الأكبر.
وهذا النجم يغير لونه بسرعة خاطفة، إذ تظهر منه عدة ألوان كالأزرق المخضر والأحمر والأصفر، وهذا ما عناه الشاعر عندما قال:
وسهيل كوجنة المُحب في اللون
وقلب المحب في الخفقان
كما أن العرب اهتدوا بمطالع النجوم لمعرفة الطقس والمناخ، إذ من أقوالهم في الماضي: إذا طلع سهيل، خف السيل، وبرد الليل، وامتنع القيل ... إلخ، كما قالوا: الصيف، أوله طلوع الثريا، وآخره طلوع سهيل، كما يدل سهيل على القبلة في بلاد الشام، ويظهر مقابلا لنجم القطب الشمالي.
وإذا وقف الإنسان ليرصد النجم على خط الاستواء، فإنه يستطيع أن يرى معظم النجوم، فإذا كان الراصد في شمال الكرة الأرضية، فإنه يرى جميع النصف الشمالي وجزءا من النصف الجنوبي فقط. وإذا وصل الراصد القطب الشمالي يصبح نجم القطب فوق رأسه والقطب الجنوبي عند سمت قدمه، أما إذا وقف الراصد على خط عرض 30 درجة شمالاً، فإن زاوية ارتفاع نجم القطب الشمالي تكون 30 درجة، ويكون خط الاستواء السماوي إلى جنوب سمت رأسه بمقدار 90 - 30 = 60 درجة فوق أفقه الجنوبي.
3- الاهتداء والاستدلال بالبروج والنجوم
كان الإنسان القديم يهتدي بشروق الشمس وموقعها من السماء نهارا للاستدلال على الجهات الأربع والمواقيت، وكان في الوقت نفسه يهتدي بالنجم ليلا ليستدل على الجهات الأربع في أثناء أسفاره في الصحاري أو البحار.
ففي نصف الكرة الشمالي تعرف الإنسان منذ القدم على نجم يقع فوق القطب الشمالي تقريباً، يبقى موقعه ثابتا وحركته الظاهرية الناتجة عن دوران الأرض حول محورها أو حول الشمس تكاد تكون معدومة، وهو نجم القطب الشمالي بولاريس Polaris، وللاستدلال على نجم القطب الشمالي استخدم برج الدب الأكبر من أجل ذلك، كما يوضح وهو تشكيلة جميلة من النجوم تقع قرب موقع بولاريس.
وبرج الدب الأكبر عبارة عن تشكيلة رائعة مكونة من سبعة أنجم تظهر في السماء الشمالية، وتُعرف أيضًا بالمغرفة، للشبه الكبير بينه وبين المغرفة في شكله، كما يدعى عند العرب بنات نعش أو المحراث. وهذه المجموعة النجمية تدور حول القطب الشمالي وكأنه مركز لها. والحقيقة أن نجم القطب هو مركز تدور حوله النجوم جميعها، إلاّ أن البعيدة منها عن القطب يظهر مسارها مستقيماً، بينما تظهر حركة النجوم القريبة دائرية تدور حول نجم القطب، الذي يبدو وكأنه مركز السماء ومن حوله تدور النجوم.
إن النجم الأول من يد المغرفة (ذيل الدب) يدعى القائد، والذي يليه يدعى العناق، وهو نجم ثنائي مكون من نجمين، ولقرب المسافة بينهما، فإنهما يُريان بالعين المجردة نجماً واحداً. وكان العرب القدماء يستعملون هذين النجمين اختباراً لقوة النظر، فالذي نظره قوى يراه اثنين. واسم النجمين الثنائيين الكور والمئزر، والخافت منهما هو الكور (أو السهى). ولا يستطيع أحد في الوقت الحاضر أن يرى السهى بالعين المجردة وربما كان ذلك بسبب أن المئزر خفت شدته والكور زادت شدته في أيامنا هذه، لذلك فإن المثل العربي القديم يقول: "أُريه السُّهى ويُريني القمر". ولكي نستدل على نجم القطب في تشكيلة الدب الأكبر، نراقب آخر نجمين فيها ويدعيان المؤشران، ونصل بينهما، ونمدهما على استقامتهما بقدر خمسة أضعاف لنصل إلى نجم واضح هو نجم القطب الشمالى أو بولاريس. فإذا عرفنا اتجاه الشمال يكون الجنوب خلفنا والشرق يميننا والغرب يسارنا، واستخدمه العرب المسلمون منذ القدم في تحديد القبلة، ويُرى الدب الأكبر في معظم فصول العام خاصة في فصل الربيع.
أمّا برج الدب الأصغر، فهو عبارة عن مجموعة خافتة مكونة من سبعة أنجم، أحدها هو نجم بولاريس، والنجوم الباقية خافتة نسبيا. وهي في تشكيلاتها تشبه تماما تشكيلة الدب الأكبر، وتدور حول نجم القطب دورة صغيرة كاملة، وترى في معظم أيام السنة. ويدعى النجمان الأخيران من مجموعة الدب الأصغر "الفرقدين"، وهما مشهوران عند عامة الناس.
أمّا نجم القطب الشمالي فيبعد عن الأرض بحوالي 400 سنة ضوئية، وقوة لمعانه الحقيقية تعادل قدر لمعان الشمس "1500" مرة. ويقع هذا النجم على امتداد محور الأرض جهة الشمال عبر الفضاء، ويظهر هذا النجم ثابتا لا يتحرك بينما تدور حوله جميع النجوم. ومن البروج التي تدور حول نجم القطب ويمكن بواسطتها الاستدلال عليه برج كاسيوبيا أو ذات الكرسي، وبرج التنين، وبرج فيفاوس.