ملهم جرجنازي Admin
الجنس : عدد المساهمات : 1423 نقاط : 56155 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 14/09/2010 المزاج : رايق
الأوسمة الخبرة: (2/2)
| موضوع: العميل السري لاجاثا كريستي "8 الأحد أبريل 24, 2011 5:42 pm | |
| العميل السري لأجاثا كريستي "8" |
|
وبعد أيام .. بدأ التحقيق في حادث مصرع المرأة الغريبة بعد أن قام البوليس بتحرياته ، لتحقيق شخصيتها ، وعرف أنها تدعى " واندا بولونكا " من اللاجئين البولنديين وكانت مسز سبروت قد نقلت بالسيارة إلى سان سوسي بعد وقوع الحادث محطمة الاعصاب وقد تعاون الجميع على الترفيه عنها.. بمختلف الوسائل، واتصل الكوماندوز هايدوك بالبوليس وأرشدهم إلى حيث وقعت المأساة ولولا اهتمام الصحف بالأخبار الحربية لاحتل هذا الحادث أبرز مكان فيها ..
واتخذ التحقيق مجراه العادي فاستدعيت السيدة كالفنت المشرفة على شؤون اللاجئين في تلك المقاطعة فأدلت معلوماتها عن واند بولونكا وتتلخص في انها كانت من عائلة بولونية ، قتل النازيون كل أقاربها و انها كانت شبه مخبولة وان سلوكها كان موضع شبهة فقد وجد معها مل كثير بالنسبة الى من هم في مركزها، وقد ظهر من مراقبتها انها ليست ممن يضمرون الخير لبريطانيا..
أما مسز سبروت فقد غرقت في دموعها عندما استدعيت للتحقيق وكان المحقق رفيقا بها وقد فسرت ما حدث انه كان بلا وعي منها .. وسألها المحقق عما اذا ما كانت قد اعتادت استعمال الاسلحة النارية، فأجابت بالنفي ثم نفت معرفتها بالمرأة القتيل قبل الحادث ..
أما هايدوك فقد أدلى بكل ما قام به في عملية المطاردة ولما سأله المحقق عما اذا كان متأكدا من أن المرأة قد بدا عليها النزوع للقفز الى الهاوية أجاب: - اما انها كانت تنوي ذلك أو على الاقل ان ترمي بالطفلة فذلك ما اعتقده وقد خيل الي ان الحقد متجسم في نظراتها.. وقد فكرت شخصيا في اطلاق النار عليها ولكنها كانت قد اتخذت من الطفلة درعا.. وقد تحملت مسز سبروت المسؤولية فأنقذت الطفلة..
وأخذت مسز سبروت تتشنج من جديد.. أما شهادة مسز بلنكنسوب فكانت قصيرة ولم تخرج عما أدلى به الكوماندوز.. و تلا ذلك مستر ميدوز وقد أمن على الاقوال السابقة وبعد انهاء التحقيق اعتبر المحقق أن الحادث تم تحت تأثير ظروف قاهرة لا حيلة للفاعلة فيها وأن القتل وقع فعلا ولكن دون سبق اصرار او ترصد أو حتى تفكير فيه وهكذا اعتبرت مسز سبروت غير متحملة مسئولية ما فعلت ..
وفي اليوم التالي تقابل مستر ميدوز ومسز بلنكنسوب ودار بينهما حديث طويل عن تلك القضية الغريبة التي فاجأتهما ، وقال تومي : - ان مجرى الحوادث من كل ناحية لا يعجبني مطلقا.. وقد وافقته توبنس .. فقد كان الجيش الفرنسي يتراجع بدون توقف ، وكان الجلاء عن " دنكرك " على أشده، كما كان سقوط باريس متوقعا في أية لحظة.. وقال تومي : - وماذا عن كارل فون دينيم والمرأة البولندية ؟ هل تعتقدين انها كان يعملان سويا ؟ - لابد انهما كانا مرتبطين بطريق ما.. ولا تنس انني رأيتهما يتحدثان.. - اذن لا بد أن يكون كارل هو الذي دبر الاختطاف .. - لماذا يختطفون هذه الطفلة بالذات ؟ ومن هم .. آل سبروت .. لا أعتقد أنهم من الاغنياء.. ثم أنهم عديمو الاتصالات الحكومية التي قد ينتفع بها العدو مثلا,, - اني افهم ذلك يا تومي .. وبودي لو كشفت السر .. - وهل لدى مسز سبرون أية فكرة عن سبب الاختطاف ؟ - ان تلك المرأة .. أعني مسز سبروت .. ليست لها مقدرة على التفكير وكل ما تقوله .. ان هذا هو ما يفعله الألمان بأعدائهم .. - تلك الغبية .. انها لا تعلم أن الألمان قوم في غاية الذكاء فهم لا يختطفون فأرا الا اذا كان هناك من الاسباب القوية ما يدعو الى اختطافه .. فقالت توبنس : - أعتقد أن مسز سبروت تستطيع أن تدرك السب لو انها فكرت وحاولت معرفته.. فلا بد أن يكون هناك سبب.. نعم .. لا بد أن تكون هناك معلومات ما .. تعرفها هي ، دون أن تعلم أن هذه المعلومات هي السبب .. - هل حاولت ان تقنعي مسز سبروت أن تعمل على تحريك ذهنها بعض الشيء . - نعم حاولت .. ولكن دون جذوى .. ان ما يهمها ,, أن بتي عادت اليها ثم لا تنس احساسها بأنها قد أصبحت قاتلة في نظر نفسها على الاقل.. - ان النساء مخلوقات عجيبة .. في لحظة خيل الي ان مسز سبروت تستطيع قتل فرقة كاملة لاستعادة طفلتها .. و الان أراها تموت فزعا لمجرد ذكر القصة.. - لقد التمس لها المحقق العذر .. كان هذا طبيعيا,, - اعتقد أن عدم ادراك قيمة ونتائج استعمال المسدس هو الذي دفعها الى تحريك زناده.. فلو انها كانت فكرت في العواقب المحتملة لما اقدمت على اطلاقه.. - اذكر ان شيئا كهذا ورد في التوراة عن سيدنا داوود و جوليات الفلسطيني ... - أوه .. لقد طافت بذهني فكرة مماثلة . ثم عدت فنسيتها في الحال .. - هل كانت عن المقلاع الذي قذف به داوود ذلك الفلسطيني فأرداه قتيلا ؟ - لا .. لا .. انتظري لحظة .. انه كان .. عن .. سليمان الحكيم.. - عن معابد سليمان وكنوزه .. والحريم .. - كفى .. كفى .. انك تعصب الامور .. ما علينا .. كم أود أن أذكر بماذا كان وجه واندا يذكرني .. فقد أحسست عندما رأيتها لأول مرة أن وجهها ليس غريبا علي .. - هل تعتقدين أنك رأيتها في مكان ما قبل الان ؟ - كلا .. فأنا متأكدة أنني لم أرها من قبل .. ولكني .. - ان شيلا برينا وأمها يختلفان في منظرهما عن واندا تمام الاختلاف .. - نعم .. ومع ذلك يا تومي .. فاني أظن أن ثمة علاقة بين ذلك الانذار وآل برينا .. ويخيل إلي ان واحدة منهما هي التي وضعته .. - اذن تعتقدين أن آل برينا و كارل و واندا بولونكا شركاء؟ - نعم .. ألا تذكر اللحظة التي تدخلت فيها مسز برينا ؟ ثم ألا تذكر أيضا أنها كانت في صف من عارض في تبليغ البوليس .. وأنها ملكت زمام الموقف كله ؟ - وهكذا .. ألا تزالين تعتبرينها ( م ) ؟ - بلى .. ألست من رأيي؟ - ربما .. - لماذا يا تومي .. هل لديك فكرة أخرى ؟ ألا تحدثني عنها؟ - أفضل ألا أحدثك عنها في الوقت الحاضر على الاقل فان تخميناتي ما زالت غير مركزة .. بل على العكس ، أعتقد أننا أمسكنا بطرف الخيط الذي يؤدي الى ( ن ) وليس الى ( م ) كما تعتقدين . .ولهذا أفضل أن يعمل كل منا – ولو بتخميناته – منفردا..
وكان تومي يفكر في نفسه.. ان بلتشلي شخصية لا غبار عليها .. ثم انه كان متحمسا لتبليغ البوليس .. ولكنه في نفس الوقت كان واثقا من ان ام الطفلة لن تقبل .. وعلمه بوجود الانذار وفهمه لعقلية الام جعلاه على ثقة من النتائج ، ومع ذلك .. فان العكس جائز وعلى أية حال .. وعاد تومي يسأل نفسه من جديد ,, لماذا تختطف بتي سبروت ؟!
وعندما انصرفت توبنس متجهة إلى غرفتها لم تلحظ وقوف سيارة البوليس باب سان سوسي .. فقد كانت غارقة في تأملاتها حتى وصلت إلى باب غرفتها ولكنها تنبهت بعد أن خطت الخطوة الأولى وصاحت : - شيلا ! واستدارت الفتاة وواجهت توبنس .. كان الذعر والأسى مرتسمين على وجهها فقالت : - كنت أنتظرك يا مسز بلنكنسوب ، واني سعيدة اذ حضرت .. - ما الخبر؟ - لقد قبضوا على كارل .. - من ؟ البوليس ؟
لقد رثت توبنس لحال الفتاة ,, انها مغرمة بكارل فون دينيم وحتى لو كان كلاهما في نظرها على الاقل متهما بالخيانة الوطنية، فان تقدير عاطفة الحب من وجهة النظر الانسانية أمر لا تستطيع توبنس الا ان تحس به ولا تغفله .. وعادت شيلا تقول : - ماذا أفعل ؟ وارتجفت توبنس لبساطة السؤال .. فلم تجد ما تقول سوى أن غمغمت : - أواه يا عزيزتي .. - لقد أخذوه .. وهكذا لن أراه ثانية .. ماذا أفعل؟ نعم ما أفعل ؟ ... وانفجرت تبكي بحرارة من كل قلبها ثم تهاوت على الفراش.. فجلست توبنس الى جوارها تمسح على رأسها وقالت : - ربما لا يجدون شيئا ضده فلا تجزعي .. وكل ما في الامر انهم سيعتقلونه ولا تنسي أنهم سيعتقلون كل رعايا الأعداء.. - لم يكن هذا ما قالون.. انهم يفتشون غرفته الان .. - لا شك أنهم لن يجدو فيها ما يؤذيه .. أليس كذلك ؟ - لن يهم البوليس ان يكون بريئا او مذنبا .. انهم سيلصقون به التهمة.. - هذا خطأ.. بل مستحيل .. انك تثقين في الناس يا شيلا,, وتطمئنين الى كلامهم أكثر من اللازم .. ولعل هذا هو موقفك حيال كارل.. ولعلك كنت على خطأ.. - اذن أنت أيضا ضده .. أواه .. فقد ظننتك تميلين إليه بعض الشيء.. - استمعي الي يا شيلا .. ان الميل أو عدمه ليس لهما دخل في الوقائع المادية، فهذه البلاد وألمانيا في حالة حرب .. وهناك وسائل عديدة يخدم بها المرء وطنه .. منها أن يحصل مثلا على معلومات يرسلها الى وطنه من خلف الخطوط.. وهو عمل فيه كثير من الشجاعة وإنكار الذات ولكن القانون الدولي لا يعترف به.. - هل تظنين أن كارل؟ - ربما .. ربما كان يخدم وطنه عن هذا الطريق .. ان هذا محتمل .. ربما كان عمله أن يأتي الى هذه البلاد كلاجئ ، وأن يتظاهر بعدائه الشديد للنازية وهكذا يستطيع أن يحصل على ما يريد من معلومات.. - هذا لا ينطبق على الواقع .. فاني اعرف كارل جيدا.. وقد عرفت قلبه كما عرفت عقله الذي لا يفكر الا في العلم وفي عمله وهو يحس انه مدين لانجلترا لأنها آوته ومنحته الفرصة ليعمل فيها ولو انه أحيانا – عندما يهان – يحس بألمانيته.. ويتألم .. ولكنه يكره النازيين وما يدعون إليه وبخاصة انكارهم لحرية الفرد .,. - هذا ما يقوله من كان في مثل مركزه.. - اذن أنت تعتقدين أنه جاسوس؟ - هذا ما أظنه .. انه مجرد احتمال .. - اذن يؤسفني أنني لجأت إليك لمساعدته ,, وخرجت الفتاة بعد أن صفقت الباب خلفها ,,
* * *
رفع الرجل المسن سنارته من الماء ثم أرتكز على دفة القارب وقال: - لا شك في ذلك.. واني أخشى أن يكون .. فأجاب تومي : - نعم، ويؤسفني ما حدث فانه شاب لا بأس به .. - انهم لا يختارون سوى أمثاله من الشباب الشجعان لمثل هذه المهمات .. ومع كل فقد وجدوا ورقة كتب فيها بالمعادلات الكيميائية أسماء العمال الذين يشتغلون تحت أمرته في المصنع والذين يمكن التأثير عليهم .. كما عثروا على مذكرات عن مشروع كيميائي مريع لتسميم الاغذية ، أعده السيد كارل.. - ألا يمكن أن تكون هذه الاوراق قد دست عليه .. ؟ - أوه .. هذا افتراض زوجتك بلا شك .. لها الحق في ذلك .. فهو فتى في ريعان الشباب .. ولكني شخصيا لا أعتقد في براءته .. فذلك الحبر السري الذي وجدناه في المعمل مخبأ بحذق ومهارة وتلك المادة السامة التي صبها على هيئة أزرار وكان يذيبها في الماء ثم يبلل به أربطة الأحذية .. تلك الأربطة التي وجدنا مئات منها معلقة في حجرته لتجفيفها ، ان هذه أدلة بالتقبل الشك .. وعندما عاد تومي ليقص على توبنس خلاصة هذا الحديث صاحت : - أربطة أحذية .. ماذا تقول ! ان هذا يفسر كل شيء .. - ماذا ؟ - بتي أيها الغبي ,, ألا تذكر ماذا كانت تعمل في غرفتي ! عندما حلت أربطة حذائي وبللتها في كوب اللبن .. ظننت ذلك حينئذ عبث أطفال.. ولكنها لابد رأت كارل يفعل ذلك فقلدته .. ولعله خشي أن تقول الطفلة شيئا عما رأته فاتفق مع تلك المرأة على اختطاف بتي .. - وهكذا اتضح كل شيء .. - نعم .. وكم أود أن تنكشف لنا بقية الأمور .. فالأحوال الحربية العامة في غاية الخطورة .. وكل سواحل فرنسا أصبحت في أيدي العدو وأصبح الغزو قريب الحدوث .. - وكان كارل حلقة ا لسلسلة ولعل مسز برينا هي الرأس المدبرة .. - نعم .. ولكنا لم نجد ما يدينها .. - وهي ليست من الغباء بحيث ترمي بنفسها بين أيدينا .. - على ذلك يمكن اعتبارها ( م ) .. فهز تومي رأسه موافقا وقال : - اذن فعلينا أن نتابع مراقبتها وعليك الاتصال بألبرت .. - اتصل أنت به .. اذ سأذهب للعب الجولف ..
|
| |
|