ملهم جرجنازي Admin
الجنس : عدد المساهمات : 1423 نقاط : 56155 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 14/09/2010 المزاج : رايق
الأوسمة الخبرة: (2/2)
| موضوع: العميل السري لاجاثا كريستي "12 الأحد أبريل 24, 2011 5:48 pm | |
| العميل السري لأجاثا كريستي "12" |
|
بدأ تومي يحس كأنما كرة نازية تسبح في عينيه ، بعد أن كان قد فقد الوعي مدة لم يستطع حسبانها، وتجمع الألم مجسما في مركز تلك الكرة ، وأخذت تسبح ببطء، ثم أحس فجأة أن نواة ذلك الألم هو رأسه المحطم.. وأخذ يستفيق شيئا فشيئا ويعي بعض ما هو فيه فأدرك ان اطرافه قد تثلجت وأنه جائع ، وانه غير قادر على تحريك شفتيه .. ان رأسه ملقى على أرض .. أرض جامدة .. أقرب الاشياء الى صخر صلد . . وبدأت ذاكرته تعود إليه شيئا فشيئا.. فتذكر هايدوك.. وجهاز اللاسلكي .. والساقي الألماني ودخوله من أبواب سان سوسي .. ثم ما حدث بعد ذلك .. وعاد يقول لنفسه .. هايدوك .. لقد عاد هايدوك الى استراحة المهربين أمامي وأغلق الباب خلفه .. ترى كيف رتب الامور بحيث يسبقه الى سان سوسي، وينتظره هناك.. ؟ ان ذلك أمر مستحيل.. فلم يره في الطريق .. اذن .. لا بد أن يكون الساقي .. ولكن لا .. لقد رآه ينظم المائدة استعدادا لإفطار سيدة في صباح اليوم التالي .. وعلى كل .. فان ذلك لا أهمية له .. انما المهم ان يعلم أين هو الآن ؟ .. كانت عيناه قد اعتادتا الظلام فرأى بصيصا من نور ينبعث من نافذة صغيرة في أعلى المكان الذي كان فيه ، وأدرك انه ملقى في قبو و أن يديه قد قيدا وكذلك رجليه، وأنه قد كمم بإحكام بحيث لا يسمع له صوت .. وقد بدأ يحاول تحريك أطرافه دون جدوى .. وبعد لحظات سمع صوت باب يفتح ، في مكان ما خلفه .. ودخل رجل يحمل شمعة ثبتها على الارض ، ثم خرج وعاد من جديد يحمل في يديه صينية عليها دورق به ماء وكوب وبعض الخبز والجبن .. وقد عرف تومي فيه آبل دور الذي أخذ يتحسس الأربطة والكمامة ، ثم قال: - سأنزع عنك هذه الكمامة لتاكل، وإذا بدر منك أي صوت سأعيد ربطها من جديد.. فحاول تومي أن يهز رأسه ايجابا ولكنه لم يستطع الا ان يفتح جفنيه ويقفلهما علامة على رضاه.. فأخذ آبل دور ينزع عنه الكمامة ببطء واستطاع تومي بعد عدة دقائق أن يحرك فيه وفمه، فأمسك آبل دور بالكوب وقربه من شفتيه فجرع قليلا بصعوبة في أول الأمر، ثم استطاع أن يزدرد الماء ازدرادا، فأحس أن حالته أصبحت خيرا مما كانت .. ثم امسك الرجل بقطعتي الخبز والجبن و رفعهما الى فم تومي، واستمرت العملية بعض الوقت.. وشرب تومي أغلب ما كان في الدورق من الماء ، ثم سأل الرجل : - وما القسم الثاني من برنامجكم؟ ولم يجب أبل دور، ولكنه مد يده إلى الكمامة.. فأسرع تومي قائلا : - اريد أن أقابل الكوماندوز هايدوك .. فهز آبل دور رأسه علامة عدم الموافقة، وأعاد ربط الكمامة ، وهكذا ترك تومي في ظلام دامس ، فنام.. واستيقظ على صوت الباب يفتح من جديد، ودخل في هذه المرة هايدوك و آبل دور معا ، وأزيلت الكمامة والأربطة .. وكان هايدوك ممسكا بمسدس اتوماتيكي في يده .. ولم يكن تومي مطمئنا الى نجاح الخطة التي صمم عليها ، ولكنه قال : - لست أفهم معنى لكل هذا يا هايدوك.. فقد اختطفت بدون أي مبرر.. - لا تقلق بالك.. المسألة أهون مما تظن.. - هل لمجرد كونك عضوا في ادارة المخابرات تظن نفسك تستطيع ان تفعل ما يحلو لك ؟ - لا .. لا .. يا ميدوز .. فأنت لم تقتنع بقصتي كما رأيت.. ولا حاجة لنا للاستمرار في هذه المهزلة.. ولكن تومي لم يظهر أية بادرة تبين فهمه لما يقول الكوماندور، تمنى في أعماق نفسه أن يون اصراره على التغابي، وسيلة تخرجه من المأزق الذي وقع فيه، فقال : - من تظن نفسك ، بحق الشيطان، مهما كنت ، ومهما كانت القوات التي تخضع لك فانه لا حق لك ان تعاملني هذه المعاملة ... فقال الآخر ببرود : - انك تمثل دورك تمثيلا بارعا.. وليس يهمني اذا كنت من العاملين في ادارة المخابرات البريطانية أو انك هاو مفتون .. - لا أدري عما تتحدث .. - كفى يا ميدوز .. كفى أيها اللعين .. لم يبق لدي من الوقت ما يسمح لي بأن أعلم من أنت أو من أرسلك، وليس يهمني هذا الان .. فالوقت ضيق، ولن أترك لك الفرصة لتبلغ من تريد تبليغه، ما رأيت .. - لا بد أن البوليس يبحث عني .. منذ تغيبت .. - لقد حضر رجلان من رجال البوليس، في أول ليلة اختفيت فيها .. الى هنا .. وكلاهما كان صديقا لي .. وقد سألاني كل ما أعلم عن المستر ميدوز .. فأظهرت عجبي لاختفائه، واعتقد ان احدا منهما لا يتطرق ذهنه ان الرجل الذي يبحث عنه صريع تحت اقدامه ولا شك ان انك لم تنس خروجك من هذا المنزل سليما معافى ولا اظن ان هناك عقلية في العالم تشك في وجودك عندي ... - انك لا تستطيع ان تبقيني هنا الى الابد .. - بن أحتاج الى ذلك .. وقد أبقيك الى مساء الغد .. وهناك قارب صغير ينتظرك ببابي لتقوم فيه برحلة ، تسترد فيها صحتك.. الى الأبد .. - اني أعجب، لم لم تصرعني في تلك الليلة؟ - ان الجثث تفوح رائحتها في مثل هذا المكان يا عزيزي ، ولذلك أجلنا ذلك الى حين وصول الزورق.. وفهم تومي انه على حق في ذلك، فعندما يصل الزورق يستطيعون قتله ونقل جثته ليقذفوا بها في اليم بعيدا عن استراحة المهربين.. وقال هايدوك في برود : - لقد اتيت لأسألك.. عما اذا كانت لك رغبة تود ان نحققها لك فيما بعد اذا اردت ان تبعث برسالة الى .. صديق لك .. فثق اننا على استعداد لإسداء هذه الخدمة ... وفهم تومي ان الرجل يحاول ان يستدرجه ليعرق شيئا عمن يتصل به فأجاب.. - كلا و أشكرك.. وأشار هايدوك الى آبل دور.. فقام على الفور بإعادة الاربطة والكمامة وترك الرجلان القبو بعد ان أغلقا الباب خلفهما.. وأحس تومي بالأسى.. لا لانه سيموت بعد ساعات ولكن لانه لا حيلة له في ترك أي دليل يشير الى المعلومات التي حصل عليها وفكر في توبنس .. ان غيابه لا بد ان يكون قد اقلقها.. ولكن لن يخطر ببالها ان تشك في هايدوك بالذات.. بل انه يعتقد انها لن تشك في احد على الاطلاق اذ ستتوقع انه يقوم بمهمة وسيعود منها.. واخذ يفكر في الاستغاثة ولكن فمه كان مكمما، وفي نصف الساعة التالية حاول فك قيوده دون جدوى...
وقدر أن الوقت قد أضحى بعد الظهر. ولم يسمع صوتا او حركة فوقه فاستنتج ان من بالدار قد رحلوا ولعل هايدوك الان يلعب الجولف في النادي، واستشاط تومي غضبا.. كيف ان أحدا لم يشك في هذا المخلوق ذي السحنة البروسية.. يا له من ممثل بارع!.. أما هو فقد وقع في الفخ كالهر... لو كانت توبنس تتنبأ وتشك.. انها أحيانا تلهم.. ما هذا.. ؟ وأخذ يتسمع الى صوت يأتي من بعيد.. صوت رجل يترنم بلحن .. ولكن ما الفائدة .. انه لا يستطيع ان يصدر أي صوت يلفت الانظار اليه. واقترب الصوت.. انه لحن مألوف لديه.. " لو كنت أنت الفتاة الوحيدة.. وكنت أنا الفتى الوحيد.." لقد غنى هذا اللحن كثيرا في عام 1917. لعنة الله على صاحب هذا الصوت.. وفجأة تخشب جسد تومي واهتز في عنف .. انه يعرف صاحب هذا الصوت .. وقال في نفسه .. انه ألبرت بلا شك.. ألبرت يسير بجوار استراحة المهربين... بالقرب منه ولكنه لا يستطيع أن ينبس بأي صوت .. كلا .. ان كل انسان يستطيع ان يحدث اصواتا وفمه مطبق .. فليجرب ذلك .. فأخذ يموء موءات متقطعة .. كمن يرسل اشارة لاسلكية...
كانت حالة ألبرت بعد أن ترك توبنس على غير ما يرام، فعجب من هؤلاء الالمان الذين يحيون هتلر مئات المرات في اليوم الواحد ويسيرون بخطوة الاوزة .. ويدمرون بلاد العالم بقنابلهم كأنهم طاعون يفتك بالناس، عليهم اللعنة، يجب ان يقفوا عند حد.. وهذه السيدة برسفورد .. ان لها عليه أيادي بيضاء .. والسيد برسفورد .. أين هو الآن يجب أن يجده لها.. وخرج يبحث عن سيده دون ان يرسم لنفسه خطة ما .. فسار كالكلب الامين، يتشمم رائحة سيده وكان قد علم أن الكابتن برسفورد قد تناول طعامه في منزل الكوماندوز هايدوك في استراحة المهربين ويقال انه عاد بعد ذلك الى سان سوسي .. اذن يجب عليه ان يبدأ من حيث انتهى سيده.. فوقف على ابواب سان سوسي عدة دقائق .. ينظر يمنة ويسرة عسى أن يجد شيئا يلفت النظر، ولكنه لم يجد شيئا.. فاتجه صاعدا الى قمة التل متجها الى استراحة المهربين .. سار يسلي نفسه بترديد ذلك اللحن : " لو كنت أنت الفتاة الوحيدة .. وكنت أنا الفتى الوحيد ..." وتقف ألبرت لحظة متطلعا إلى أبواب استراحة المهربين وقال في نفسه.. هنا تناول السيد برسفورد طعامه .. ودار حول المكان من بعيد .. فرأى الأبواب تفتح وتخرج منها سيارة رأى فيها رجلا ضخما يصحب معه أدوات لعب الجولف .. اذن هذا هو الكوماندوز هايدوك.. وبعد لحظة رأى رجلا .. يخرج من باب الحديقة .. وقد أمسك بفأس في يده.. وعاد ألبرت يترنم باللحن مقتربا شيئا فشيئا من المنزل.. وهو يراقب الرجل الذي بدا يفلح الحديقة .. وفجأة قال ألبرت لنفسه مندهشا .. ما أجمل هذا ! يظهر أن الكوماندور يربي الخنازير .. ما أغرب ذلك! ان هذه لا يمكن أن تكون خنازير .. هل هو غطيط، نائم؟ ومن ينام في مثل هذا القبو .. ثم هذا الغطيط المنظم.. انه .. انه يذكره بشيء .. طال به العهد ... ما هو ؟ .. انه قريب الشبه بالشفرة ... شفرة الاستغاثة .. وعاد يتسمع من جديد .. ثم تلفت حوله يمنة ويسرة ، وركع على ركبتيه ونقر على شباك القبو عدة نقرات وكأنه يجيب تلك الاشارة...
|
| |
|