لين جرجنازي عضو متميز
الجنس : عدد المساهمات : 135 نقاط : 52159 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 16/09/2010
| موضوع: رواية الطائرة المفقودة3 الإثنين أبريل 25, 2011 10:30 am | |
| رواية الطائرة المفقودة (3) |
| " انتبهوا .. انتبهوا .. شركة إيرفرانس .. الرحلة رقم 108 إلى باريس.. " نهض الجالسون في قاعة الانتظار في مطار هيثرو وتقاطروا متحهين إلى الباب ينشدون الطائره التي ستقلهم إلى باريس. وتناولت هيلاري كرافن حقيبه سفرها الصغيره الحجم وانضمت إلى موكب المسافرين . كان الجو باردا لاذعا في ساحة المطار وشدت هيلاري معطفها الفراء حول عنقها تقي نفسها لسعات البرد وهي تتبع المسافرين إلى حيث تستقر الطائره. إذن فقد انتهى الأمر ، هاهي ذي منطلقة هاربه بعيدا عن الاكتئاب والبرد والبؤس المميت . هاربه إلى الشمس المشرقة والسماء الزرقاء الصافيه، إلى حياة دافقه .. وستطرح وراءها كل الهموم والأثقال، هذه الهموم المتسمه بالبؤس والقلق. وتابعت طريقها إلى ممر الطائره واستقرت على المقعد الذي أرشدتها إليه المضيفه . ولأول مره منذ شهور خالجها شعور بالراحة من العذاب الذي أمضّها بقسوة حتى لقد احست منه بما يشبه الألم الجسماني . تمتمت تحدث نفسها في امل ورجاء : - سأهرب ، سأبتعد ، نعم سأبتعد ! وانتزعها من خواطرها هدير الطائرة الصاخب ولكنها مالبثت ان عادت تردد في نفسها : - الآن سأذهب وابتعد . وبدأت الطائره تنزلق على ارض الممر ، وقد شد المسافرون احزمة الوقاية على بطونهم . ودارت الطائره نصف دورة في ساحة المطار ثم توقفت تنتظر إشارة الرحيل. وخطر لها: - مايدريني لعل الطائرة قد تتحطم ، وعندها قد تكون تلك النهاية ، الحل الموفق لكل شيء. وخيل إليها انهم انتظروا في ساحة المطار وقتا طويلا لا ينتهي مترقبين إشاره الرحيل إلى الحريه. وهمست تخاطب نفسها : - يبدو أنني لن اسافر أبدا وسأظل هنا حبيسة لا استطيع الفرار. واخيرا هدرت المحركات من جديد وبدأت الطائره تجري على الممر الممهد المرصوف .. أسرع ثم اسرع . - ولكن من يدري .. ربما لن تعلو في الجو .. أتكون هذه إذن هي النهايه؟! ولكن الطائره اخذت تعلو في الجو وبدأوا يبتعدون عن سطح الأرض .. وبدا كل شيء صغيرا ضئيلا حتى الهموم تضاءلت وانكمشت وحتى القلق تبدد وتوارى وبدت الأبنية والسيارات وكأنها لعب اطفال . والآن كانوا فوق السحب البيضاء ، المشوبه بمسحه رماديه .. لا بد انهم الآن فوق القنال الانجليزي. وارخت هيلاري جفونها واطبقت عينيها ، واسندت رأسها إلى ظهر المقعد. الهرب، الهرب .. فها هي ذي قد غادرت إنجلترا إلى غير رجعه ، هاهي ذي قد تركت خلفها نايجل وتركت خلفها تلك البقعه الحزينه المقبضه التي هي قبر بريندا . كل ذلك تركته خلفها ، بعيدا ، بعيدا. وفتحت هيلاري عينيها ثم عادت تطبقهما مره اخرى ثم مالبث النعاس ان طغى عليها واستغرقت في النوم . وعندما صحت هيلاري من نومها كانت الطائره في طريقها إلى الهبوط .. لابد اذن انهم وصلوا باريس .. وزايلت كرسيها وحملت حقيبتها ونزلت من الطائره إلى سيارة المطار ولكنها لم تكن باريس تلك التي نزلوا فيها . اتت المضيفه الجويه إلى السياره وتحدثت إليهم بذلك الصوت الناعم الحنون المأثور عن المضيفات : - لقد اضطررنا أن نهبط في بوفيه لأن الضباب كثيف في باريس. ونظرت هيلاري من وراء زجاج السياره لكن الرؤيه كادت تستحيل عليها فقد كانت بوفيه هي الأخرى غارقة في الضباب. وتوقفت بهم السياره امام مبنى خشبي عتيق ليس فيه إلا بضعة مقاعد وأرائك من الخشب. وطغى على هيلاري شعور بالانقبائ حاولت ان تدفعه عن نفسها ، وغمغم الرجل الجالس قربها : - إنه مطار حربي قديم بلا تدفئه ولا شيء من وسائل الراحه، ولكن ما احسل وهم فرنسيون ان يبخلوا علينا بالشراب. ونطق الرجل حقا ، فما هي إلا لحظات حتى اتى مضيف يدور عليهم بأقداح الشراب. وتتابعت الساعات دون ان يقع جديد، فيما عدى طائرات تنبثق متتابعه من استار الضباب وتحط متزاحمه على ارض المطار الصغير وتكدست القاعه بمسافرين حانقين متذمرين من التأخير الذي طرأ على رحلاتهم. واخيرا عندما هبط الليل اتت سيارات الأوتوبيس لتحمل المسافرين إلى باريس. كانت رحله ممله مضجره انحشر الركاب في السيارات اربع ساعات إلى ان شارفوا ضواحي باريس فبلغوها وقد انتصف الليل . واسعد هيلاري ان تحمل حقيبتها وتستقل تاكسيا وتمضي إلى فندق حجزت لها فيه احدى الغرف ، وكانت متعبه مكدوده، تهفو إلى حمام ساخن تلوذ بعده بالفراش. وكان مقررا ان تبرح الطائره المسافره إلى كازابلانكا مطار اورلي في العاشره والنصف من صباح اليوم التالي ، بيد ان مطار اورلي في ذلك الصباح المعهود كان خليه من الفوضى والارتباك: مسافرون يروحون ويغدون ، موظفون يدخلون ويخرجون، حمالون يذهبون ويجيئون والطائرات مرصوصه على ارض المطار مكدسه متزاحمه إذ كان هناك تأخير في مواعيد السفر بسبب الضباب. وقال لها موظف الاستعلامات : - مستحيل يا سيدتي ان تسافري على الطائره التي سبق ان حجزت لنفسك فيها مقعدا فأرجوك ان تنتظري في قاعة الاستراحه حتى يخلو مقعد في طائره اخرى. وعلى مضض مضت إلى قاعة الانتظار ترقب مقعدا يخلو لتجلس عليه . وبعد ساعة قيل لها ان هناك مقعدا خاليا بالطائره المسافره إلى داكار، وفي الطريق إليها تهبط في كازابلانكا وإن كانت سوف تصل إليها متأخره ثلاث ساعات عن الموعد الذي كانت ترجوه. قال الموظف : هذا كل ما استطيع فعله لأجلك سيدتي . وتقبلت هيلاري كرافن المقعد المعروض عليها بغير تذمر او احتجاج دون ان تتشبث بالمقعد الذي سبق ان حجزته على الطائره الأصليه إلى كازابلانكا. وحين هبطت في كازابلانكا همس الخمال الذي اخذ حقائبها: - إنك لمحظوظه يا سيدتي أن اتيت بهذه الطائره الإضافيه بدلا من طائرة كازبلانكا الأصليه التي كان مفروضا ان تصل قبل هذه فإنها قد تحطمت ومات طاقمها ومعظم الركاب، فلم يبق منهم على قيد الحياة إلا اربعه اشخاص او خمسه نقلوا إلى المستشفى مصابين بإصابات جسيمه. كان اول رد فعل في نفسها أن طغى عليها شعور جارف بالغضب وعلى غير وعي منها اصطخب داويا في رأسها هذا السؤال: - ياإلهي لم لم اكن انا في هذه الطائره؟ لو إني كنت فيها لانتهى كل شيء. لا قلق ولا احزان ولا هموم. ألا ليتني كنت فيها. إن الذين استقلوا هذه الطائره كانوا متشبثين بالحياة أما انا فلكم كنت ارحب بالموت . وانهت إجراءاتها الجمركيه في دقائق قليله ومضت إلى إحدى سيارات التاكسي ذاهبه إلى فندقها. وفي غرفتها فتحت النوافذ واطلت على المدينه .. كانت السماء زرقاء صافيه والشمس مشرقة فياضة بالضوء. كان هذا ماترجوه .. كانت هذه هي الحياة التي سعت إليها .. الفرار .. الهرب ، بعيدا عن انجلترا. بيد انه في هذه اللحظه اعتصرت قلبها يد باردة ساحقه فقد ادركت في صدمه هزت كيانها ان الأمر هنا لا يختلف عما كان في انجلترا ، لا مهرب ولا فرار. كان قبر بريندا في انجلترا والماضي يجري في اعقابها ولا شيء يمكن ان يجعلها تنسى. إن الخلاص الوحيد في حبوب منومه تفرغ منها في احشائها قنينه كامله. وانبعثت واقفه وقد استقر رأيها على ان تبادر إلى الصيدليه، ففيها شفاؤها من المتاعب والهموم والأحزان. ومضت إلى الخارج مسرعه كي تعود بما يجعلها تنام تلك النومه الأبديه المريحه التي تهفو إليها .. كانت هبلاري كرافن تعتقد ان من السهل شراء الجبوب المنومه في البلاد الأجنبيه . ولكنها لدهشتها ما لبثت ان ادركت انها كانت مخطئه في ظنونها . فقج رفض الصيجلي ان يزودها إلا بحبتين اثنتين وان لها ان شاءت المزيد ان تأتيه بتذكره طبيه. فشكرته هيلاري ودست في حقيبتها الحبتين . وفيما هي تغادر الصيدليه كادت تصطدم برجل طويل القامه جاد السمات ، فاعتذر لها بأدب بالانجليزيه. وسمعته وهي تنصرف يسأل الصيدلي عن معجون اسنان. واحست بغصه انقبض لها قلبها فقد كان المعجون الذي طلبه من الماركة نفسها التي يؤثر نايجل استعمالها. وعبرت الطريق إلى الصيدليه المقابله واتبعتها بغيرها حتى اكتملت اربعا ولفت نظرها ان لمحت في الصيدليه الثالثه الرجل الجاد السمات نفسه ذا الوجه الذي يشبه وجه البومه، وكان يسأل عن معجون الأسنان نفسه الذي طلبه في الصيدليه الأولى. عادت هيلاري إلى فندقها ، فأبدلت ملابسها ونزلت تتناول العشاء وقد كادت القاعه تقفر من النزلاء ولكنها لمحت رجل معجون اسنان، جالسا إلى مائده ملاصقة للجدار يتناول طعامه وقد نشر امامه صحيفه فرنسية واستغرق في قراءتها. وامرت لنفسها بطعام شهي وزجاجة من النبيذ ، واقبلت تأكل وتشرب بنهم وهي تردد في نفسها: - وبعد فتلك هي المغامره الأخيره ثم ينتهي كل شيء. وصعدت إلى الغرفه وقد فرغت من الطعام فأغلقت الباب وراءها بالمفتاح وخلعت ثيابها وتناولت اللفافات الأربع التي اتت بها من الصيدليات وفضتها وتناولت منها الحبوب المنومه ورصفتها على المنضده امامها ومضت تتأملها بصمت . لم تكن متردده ولم تكن خائفه فذلك هو سبيل الخلاص .. ذلك اخيرا هو الفرار .. الفرار الحقيقي. والأمر بعد هين بسيط : تبلع الحبوب وتزدردها بجرعه من الماء ثم تستلقي على الفراش وتنام ثم لا تستيقظ ابدا من النوم . لم يكن في نفسها من الدين وازع يردها عما هي بسبيله فقد اتت وفاة بريندا على كل ما بنفسها من شعور ديني ، فليس ثمة شيء له عندها قيمه او اهميه. نعم إنها الآن بلا قيد يعرقل خطاها ، متأهبه للشروع في رحلتها إلى المصير المجهول. ومدت يدها وتناولت الحبه الأولى رفعتها إلى فمها .. وفي هذه اللحظه طرق باب الغرفه نقرات خفيفه. قطبت هيلاري جبينها وتجمدت يدها في الهواء قبل ان تبلغ فمها. ولكنها لزمت مكانها لا تفتح الباب معما يكن من امر فهي لن ترد عليه فلا يلبث ان ينصرف . ولكن الطرقات عادت تدق الباب من جديد ، وفي هذه المره كانت بصوت اشد واعلى. وفجأه اتسعت عيناها دهشه وهما مستقرتان على الباب.. رأت المفتاح الذي في ثقب الققل من الداخل يدور حول نفسه ثم يقفز من صثبه إلى الأرض مرسلا رنينا معدنيا ، ثم رأت مقبض الباب يتحرك ويدور ثم انفتح الباب وإذا برجل يدلف إلى الغرفه. عرفت فيه على الفور ذلك الرجل الجاد السمات الذي رأته من قبل مرتين في الصيدليه يشتري معجونا للأسنان ثم رأته يتناول بعد ذلك عشاءه في الفندق. واستدار الشاب فأغلق الباب وتناول المفتاح من على الأرض ودسه في الثقب و اوصده ثم جاء عبر الغرفه إليها واستوى على احد المقاعد جاسا وقال في بساطه: - إنني أدعى جيسوب. تضرج وجه هيلاري احمرارا ومالت إليه عبر المنضده التي بينهما وفي صوت يخالطه الغضب سألته: - هل لي ان اسأل عما اتيت تفعله في غرفتي؟ حدجها بنظره طويله ثاقبه وقال يسأل : - ما أعجب هذا !! إنني أنا الذي اتيت اسألك عما تفعلين انت في غرفتك؟ حملقت فيه باستغراب وتساءلت : - إنني لا افهم ماتعني ؟! فأدار رأسه يتأمل الحبوب المنومه على المنضده ثم تطلع إليها قائلا: - لو انني مكانك لما فعلت هذا، فليس الأمر كما تظنين.. إنك تعتقدين انك تتناولين الأقراص ، وتستغرقين في النوم ثم لا تنهضين أبدا ولكن ماسوف يحدث شيء غير هذا تماما.. فستعانين أعراضا اليمه .. تقلصات وقيء وآلام تمزق المصارين .. وإذا كانت طبيعة جسمك مقاومه للمخدرات ، فإن الحبوب المنومه لا تبدأ فعلها إلا بعد فتره طويله ، وفي خلال هذه الفتره يعثرون عليك ويحاولون انقاذك ، وتتعرضين لأشياء مؤلمه غسيل معده ، زيت خروع ، قهوه ساخنه كما يهزونك بعنف ويلطمون وجهك حتى تستفيقي ، فهل انت مستعده لهذا؟ تراخت مسز كرافن في جلستها واغتصبت ابتسامه خفيفه وقالت: - يالها من فكره سخيفه !! إذن فأنت تتخيل أنني كنت انوي الانتحار؟ - إنني لا اتخيل ، ولكني على يقين .. فقد دخلت إلى الصيدليه لأشتري معجونا للأسنان حين كنت هناك تطلبين حبوبا منومه ولما لم اجد النوع الذي ابغيه ذهبت إلى صيدليه اخرى فإذا بك امامي تشترين حبوبا للمرة الثانيه وبدا لي الأمر غريبا فرأيت ان اتعقب خطواتك لأرى مايكون من امرك وطبعا لم يكن من العسير علي بعد ذلك ان اتكهن بما تنوين. - إنك قد تقدر ان تمنعني الآن من الإنتحار ، وقد تقذف بالحبوب من النافذه ولكنك لن تقدر ان تصدني غدا عن شراء حبوب اخرى او ان القي بنفسي إلى الطريق من سطح عماره عاليه ، او ان ارتمي أمام قطار مسرع . - إنك قد تحاولين ان تنتحري اليوم ، هذا صحيح ولكن إذا جاء الغد ثاب المنتحر إلى رشده وعاوده صوابه ، هذا عادة مايحدث للمنتحرين. - هذا اذا كان المنتحر قد اقدم على فعلته وهو في فورة يأس مفاجئ أما انا فقد تدبرت الأمر في هدوء وبرود حتى استقر عليه عزمي .. ألا تعلم يا مستر جيسوب أنني امرأة ليس لديها ماتعيش من اجله، وما يجعلها تتشبث بالحياة؟ ثم اردفت : - زوجي الذي همت به حبا هجرني، وابنتي الوحيده التي اعبدها ماتت بالالتهاب السحائي، وانا بعد امرأه بلا اصدقاء او اقارب وليس لي هوايه تستهويني او عمل يشغلني ، فلم اذن اعيش؟ وبعد سكتة قصيره ، رفعت إليه رأسها قائله: - والآن يا مستر جيسوب هل لك ان تنصرف وتتركني لشأني ؟ - لم يحن الوقت ، فإنني لم افرغ بعد من حديثي. ثم استطرد على عجل : - الآن عرفت انك كارهه لدنياك غير متشبثه بالحياة وانك تنوين الانتحار ولكن الذي اتساءل عنه هو : لم آثرت الحبوب المنومة وسيلة للانتحار؟ فبدت الدهشة في عينيها وتساءلت: - ماذا تقصد؟ - لقد عرفنا ان الحبوب المنومه غير مضمونه النتيجه ، فضلا عما يصاحبها من الام وكذلك الشأن بالنسبة إلى الارتماء تحت القطار ، او إلقاء نفسك من مبنى مرتفع، إنك قد تصابين بعاهه او بالشلل او ببتر ذراعيك اوساقيك ، ولكنك ستعيشين. هناك طرق اخرى للانتحار انجح واضمن. - طرق اخرى - طبعا.. طرق اخرى حافلة بالإثاره والمتعه ومع ذلك فلست اكتمك انك قد تنجين من الموت ، ولكنك على الأقل ستجدين فيها تسليه وطرافه تشغل فراغك وتبدد همومك . فهزت رأسها في حيرة وتساءلت: - الحق اني لا ادري فيم تتحدث . لاذ بالصمت برهة ثم اردف: - لكي تدركي ما ابغي لابد ان اروي لك قصه صغيره فهل لك ان تعيريني سمعك؟ - إني مصغيه إليك فهات ماعندك. - إنك طبعا تطالعين الصحف ولابد انك قرأت حوادث اختفاء بعض العلماء في الشهور الأخيره وكان اخرها اختفاء عالم الذره توماس بيترتون. فقالت هيلاري: - نعم لقد قرأت عنه في الصحف. واستطرد جيسوب: - إننا في بلد حر ولمن شاء ان يرحل أنى شاء.. ولكن في مثل هذه الظروف يجب ان نعرف لماذا اتختفى هؤلاء القوم، واين ذهبوا وكيف ذهبوا؟ . هل اختفوا طواعيه واختيارا من تلقاء انفسهم ، ام انهم اجبروا على الذهاب او اختطفوا او هددوا وما هو الطريق الذي سلكوه في سفرهم وما هي المنظمة التي تتولى امرهم وماهو الهدف الذي ترمي إليه المنظمه. إننا نسعى إلى رد شاف على هذه الأسئله ولعل في مقدورك انت ان تساعدينا في الحصول على جواب لهذه الأسئله. - أنا ، ولكن كيف ؟! ولماذا؟ فقال جيسوب: - منذ شهرين اختفى توماس بيترتون فجأه وهو في باريس تاركا امرأته في لندن وقد نزل اختفاؤه عليها نزول الصاعقه ، او كذلك ادعت وزعمت وقد اقسمت على انه ليس لديها اية فكره عن مكانه وانها لا تعرف من الأمر شيئا، وقد تكون صادقه في اقوالها ، او كاذبه ، وانا من الذين يعتقدون انها كاذبه وتابع جيسوب الحديث قائلا: - وضعنا مسز بيترتون تحت المراقبه الدقيقه ومنذ اسبوعين جاءت تزورني في مكتبي وذكرت لي أن طبيبها امر بأن تسافر إلى الخارج للراحة والاستجمام لأنها ضاقت بأصدقائها واقاربها والمخبرين والصحفيين الذين لا يفتأون يلحون بالسؤال عن زوجها وكيف اختفى حتى لقد كادت تصاب بانهيار عصبي . وبالأمس غادرت مسز بيترتون إنجلترا إلى كازابلانكا. فقالت متبرمه : - ولكن ما شأني انا بكل هذه القصه؟ فأجابها جيسوب باسما: - إن لك شأنا كبيرا لأن شعرك احمر . - ماذا تقصد؟ - اهم مايمز مسز بيترتون هو شعرها الأحمر النحاسي واهم مايميزك انت ايضا هو الشعر الأحمر النحاسي نفسه. - فليكن ، مجرد صدفه ، ولكن ما اهمية ذلك؟ - أهميته ان طائرة كازابلانكا التي سافرت فيها مسز بيترتون تحطمت وقتل معظم من فيها اما هي فأخرجت من تحت الأنقاض وماتزال على قيد الحياة وقد نقلت إلى المستشفى ولكن الأطباء يرون انها لن تعيش إلا حتى صباح الغد. ظلت هيلاري تتابعه بعينين تتساءلان عما يبغي منها. واستطرد جيسوب: - غدا ستلفظ مسز بيترتون انفاسها الأخيره ، ولكنها مع ذلك ستواصل رحلتها لأنك ستتقمصين شخصيتها وتنتحلين اسمها. ظلت هيلاري تحملق فيه كالمشدوهه فاغرة فمها، ثم قالت : - ولكنهم طبعا سيعرفون في الحال أني لست مسز بيترتون؟! - هذا يتوقف على الذين سيقابلونك ، وهل سبق ان رأوا مسز بيترتون من قبل ؟ إن مثل هذه المنظمات تعمل عادة اسلوب الخلايا المستقله فكل خليه مكونه من ثلاثة او اربعة اشخاص لا يعرفون الخلية الأخرى، حتى إذا وقعوا في يد الشرطه استحال عليهم ان يشوا بالآخرين ، لأنهم لم يروهم من قبل. ومعنى هذا ان الذين سوف تلتقي بهم مسز بيترتون لا يعرفون عنها إلا انها ذات شعر احمر نحاسي وعينين زرقاوين خضراوين / وطولها خمسة اقدام وسبع بوصات وليست لها علامات مميزة ، هذه هي الأوصاف المدونه في جواز سفرها ومن حسن الحظ أن هذه الأوصاف جميعا تنطبق عليك. فقالت معترضه : - ولكني لا اكاد اعرف شيئا عن مسز بيترتون! - سنزودك بما يكفي من المعلومات وسندبر الأمر على النحو التالي ، ستدخلين المستشفى ، وعندما يحين القضاء وتموت مسز بيترتون ستحلين مكانها وتنتحلين اسمها اما هي فتدفن متخذه اسمك انت ، اي سيقال أن التي ماتت هي انت . اما مسز بيترتون اي انت فسيقال انها اصيبت بارتجاج في المخ في كارثة الطائره ، وهذا يتيح لك فرصة التخلص من المآزق التي قد تقعين فيها بأن تتظاهري بفقدان الذاكره من حين لآخر . ومع ذلك فقد ينكشف سرك وتقتلين ، ولكني لا احسبك تبالين بالموت مادمت لا تقيمين وزنا للحياة وتنشدين الانتحار ، فما رأيك ؟! اتقبلين هذه المهمه؟ ودون تردد اجابت هيلاري كرافن : - ولم لا ؟ لقد قبلت ان اكون مسز بيترتون. فقال جيسوب: - إذن هيا بنا فلا وقت لدينا لنضيعه. وللرواية بقيه انتظرونا في الفصل الرابع |
| |
|