لين جرجنازي عضو متميز
الجنس : عدد المساهمات : 135 نقاط : 52179 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 16/09/2010
| موضوع: رواية الطائرة المفقودة13 الإثنين أبريل 25, 2011 10:46 am | |
| رواية الطائرة المفقودة(13) |
| قالت هيلاري وقد رجعت إلى جناحها : - إن الحياة هنا شبيهة بجو المدارس .. فقال بيترتون: - هذا هو ما يحسه المرء في البدايه انا نفسي داخلني هذا الشعور حين جئت .. كان الحديث بينهما يدور في تحفظ وحذر .. خشية ان يكون هناك ميكروفون مدسوس بين الاثاث او في الجدران .. ثم اردف .. - وهذا ما يرتد بنا إلى عهد الطفوله السعيده .. وغمز بعينه فلم يغب عنها النذير المقصود .. وبدا لها الأمر كله عجبيا .. هاهي ذي في قلب الصحراء تشارك رجلا غريبا مخدعه وتشاطره الفراش ذاته ومع ذلك فإن في التوجس والقلق والخطر المسيطر عليهما ما جعل الرابطة التي بينهما مفككه منفصمه .. عادت هيلاري إلى الحديث فقالت : - لقد اجروا علي عدة فحوص طبيه ونفسيه. - هذا هو ما بفعلونه دائما مع الوافدين الجدد . - وهل فحصت انت ايضا؟ - هذا امر طبيعي.. - وبعد هذا قابلت الدكتور نيلسون نائب المدير فتبادلنا الحديث برهه قصيره . - إنه إداري حازم قدير . - ولكني لم اقابل المدير بعد. - احسب انك لن تقابليه ابدا وإن كان من حين لآخر يلقي علينا بعض المحاضرات .. وهو رجل ذو شخصيه جذابه .. قطب بيترتون جبينه وادركت هيلاري انه يريد ان يثنيها عن مواصلة هذا الحديث .. فما كان منها إلا ان لاذت بالصمت .. قال لها بيترتون .. - إنهم يتناولون العشاء هنا ابتداء من الثامنه مساءا .. فيحسن بنا يا عزيزتي ان نتأهب للنزول .. ابدلت هيلاري ثيابها وارتدت الفستان الذي جاءت به من قسم الملابس ..وتحلت بقلاده من اللآلئ المقلده .. هبطا معا إلى قاعة الطعام وخفت الآنسه جينسون إلى استقبالهما قائله: - لقد اعددت لكما مائدة كبيره يشارككما فيها بعض رفاق زوجتك في السفر فضلا عن الدكتور مارشيسون وزوجته .. - ارشدتهما إلى الطاوله المقصوده وكان اندرو بيترز و إيريكسون قد سبقا إليها وانتظما حولها وقدمت هيلاري زوجها إلى الرجلين .. ولم يلبث الدكتور مارشيسون وزوجته أن لحقا بهم وقدمهما بيترتون إلى الآخرين وهو يقول : - سيمون وانا نشتغل معا في معمل واحد .. كان سيمون مارشيسون شابا نحيفا في السادسة والعشرين ذا وجه باهت اللون .. اما زوجته بيانكا فكانت ممتلئة الجسم إلى حد ما وفي حديثها لكنه اجنبيه واضحه .. رحبت بيانكا بهيلاري في لهجة مهذبه ولكن في شيء من التحفظ ثم قالت متسائله: - إنك لست عالمه فيما اعتقد ؟! - كلا .. إني لم أتلق تدريبا علميا .. فقد كنت اعمل سكرتيره قبل زواجي .. وقال الدكتور مارشيسون : - لقد درست زوجتي الاقتصاد والقانون التجاري وهي تلقي علينا بعض المحاضرات من حين لآخر وإن كانت لا تجد إلا نفرا قليلا يؤم محاضراتها .. فهزت بيانكا كتفيها في استخفاف وقالت: - لقد استطعت على أية حال ان التمس هنا ما اشغل به وقتي .. فقد بدأت ادرس احوال مجتمعنا هذا حتى اعمل على تطويره وتحسينه. ومادامت السيدة بيترتون غير قائمه ببحث علمي فإن في وسعها ان تساعدني في مهمتي .. وسارعت هيلاري ترحب بالاقرب واضحكهم اندرو بأن قال: - ارجوا ان يعهدوا إلي بالعمل على الفور .. وإلا انقلبت تلميذا امضي وقتي في لعب البلي .. قال سيمون مارشيسون في حماس : - هذا مكان رائع للبحث العلمي فكل الاجهزة متوافره ولا احد يقحم نفسه او يقطع عليك عملك .. سأله بيترز : - ما تخصصك يادكتور؟! اخذ الرجلان يتداولان حديثا علميا بحتا فتحولت هيلاري إلى إيريكسون الذي كان متراخيا في مقعده بعينين شاردتين وسألته: - وانت .. اتراك ايضا تحس حنينا للوطن؟! - إني رجل لا اؤمن بمثل هذه الترهات الفارغه ... الوطن .. روابط الاسره والطفل .. مشاعر المحبه والوفاء .. كل هذا هراء .. إن المرء لكي يعمل يجب ان يكون حرا طليقا .. لا يشده اي نوع من القيود .. - او تشعر بأنك هنا ستكون حرا طليقا؟! - هذا ما ارجوه .. وإن كنت لا ادري حقيقة حتى الآن .. مالت بيانكا إلى هيلاري وهي تقول : - بعد العشاء لدينا الكثير مما نشغل به وقتنا .. غرفة لعبة البريدج مثلا .. والعاب الورق الاخرى .. قاعة السينما تعرض افلاما حديثه .. وقاعة التمثيل تعمل ثلاثة ايام كل اسبوع .. وكذلك سهرات راقصه من حين لآخر .. قطب ايريكسون جبينه وقال : - كل هذا لغو لا جدوى من ورائه .. إنه يصرف الباحث عن عمله ويبدد نشاطه .. قالت بيانكا : - كل هذا الذي تسميه لغوا ضروري لنا معشر النساء .. فتطلع إليها بنظره بارده .. كأنما يقول : وحتى انتن معشر النساء لا ضرورة لكن .. تعمدت هيلاري ان تتثاءب وقالت : - اما انا فسآوي الليله إلى فراشي مبكره .. إذ ما زلت متعبه مرهقه.. فقالت لها بيانكا : - إنك على حق ياعزيزتي .. فقد كابدت الاهوال .. فضلا عن هذه الرحلة المضنيه .. فقال بيترتون وهم يزايلون المائده: - الجو الليله منعش لطيف.. وقد اعتدنا ان نقضي بعض الوقت في حديقه السطح قبل ان نمضي إلى العمل او النوم .. فلم لا تصحبيننا ياعزيزتي اوليف ؟ كانت حديقة السطح تحفة فنيه رائعه .. كانت بستانا حافلا بأجمل انواع الأزهار واندرها .. تتوسطها نافوره صغيره يتدفق منها الماء رشاشا متناثرا تنعكس عليه اضواء ملونه خلابه .. قالت هيلاري في افتتان : - إني لا اصدق ما تراه عيناي. ايقوم هذا في قلب صحراء قاحله مجدبه ؟ لكأني اعيش في قصة من ليالي الف ليله.. فقالت مارشيسون: - صدقت يا سيدة بيترتون .. ولكن مادام الماء غزيرا والمال متوافرا فلا شيء مستحيل .. - ولكن .. من اين لكم بهذا الماء الغزير ؟! - من نبع عميق حفرناه في الجبل بأحدث الاساليب العلميه .. واخذوا يتمشون في حديقة السطح قليلا .. ويتسامرون بالحديث .. ثم انسحبوا واحدا بعد الآخر .. ولم يبق اخيرا إلا توماس بيترتون وزوجته هيلاري كرافن .. اخذ بيدها واجلسها على إحدى الأرائك المتناثره في ارجاء الحديقه ووقف في مواجهتها وحدجها بنظرة متسائله وقال: - والآن .. من انت بحق السماء؟! رفعت وجهها تتطلع إليه برهه دون ان تجيب .. وبدلا من ان ترد على سؤاله قالت تسأله : - لماذا كذبت فزعمت اني زوجتك؟! تبادلا نظرات صامته .. واخيرا قال بيترتون .. : - مجرد نزوه طارئه .. لقد خطر لي انك ربما جئت لكي تخرجيني من هنا .. ياإلهي.. هذا سؤال توجهينه إلي؟! ان الإجابه واضحه معروفه !!! فعادت تسأله : - ولكن كيف جئت إلى هنا ؟! - إذا كنت تقصدين اني اختطفت .. او ان شيئا من هذا القبيل قد حدث .. فانزعي من رأسك مثل هذه الفكره من رأسك .. لقد اتيت إلى هنا من تلقاء نفسي وبمحض إرادتي .. وكنت ممتلئا حماسه .. - وهل كنت تعرف انك قادم إلى هذا المكان ؟! - لا .. لم يخطر لي قط أنني آت إلى افريقيا .. ولم احاول قط ان اسأل .. لقد احتواني البريق الخداع واخذتني الكلمات الحماسيه : السلام العالمي .. الحريه المطلقه .. اقتسام الأسرار العلميه بين دول العالم جمعاء .. القضاء على الرأسماليين وتجار الحروب .. نعم .. كل هذه الترهات الخرافيه .. واردف : - وصاحبنا بيترز الذي صحبك في رحلتك .. إنه هو ايضا ابتلع الطعم .. - ومالذي اكتشفته بعد ان وصلت؟! - سوف ترين بنفسك .. ولكن يكفي ان اقول لك .. إن الحريه التي حلمنا بها .. لا وجود لها هنا .. وجلس إلى جانبها مقطب الجبين ثم قال : - ونفس الوضع هو الذي اثارني في انجلترا وجعلني اكره البقاء فيها .. إجراءات الامن الصارمه .. التجسس على حركاتي وسكناتي .. تعقب خطواتي ومحاسبتي على كل كلمه اتفوه بها .. كل هذا حطم اعصابي .. واستطرد بنفس النبرة اليائسه : - ثم جئت إلى هنا .. فإذا الفردوس الموعود مجرد سراب .. لقد عانيت نفس الأوضاع .. بل اشد هولا.. وتابع الحديث .. - احدث الأجهزة العلميه رهن إشارتنا والمال متوافر لإجراء الابحاث التي نجريها ولكني مع هذا لا املك إلا ان اشعر يأني في سجن تحف به الأسوار والقضبان .. ران عليهما الصمت .. ثم استدار إليها متسائلا: - والآن لنعد إلى ما كنا فيه .. مالذي جعلك تحضرين إلى هنا وتزعمين انك اوليف ؟! قالت : - اوليف .... ثم امسكت تلتمس الكلمات الملائمه لكي تجيب عن السؤال . عاد يتساءل : - ولكن اين اوليف ؟ مالذي جرى لها ؟ ناورت وتحايلت على الكلمات ثم اضطرت اخيرا إلى ان تجيب . حملق إليها شاردا ثم قال : - إذن فأوليف ماتت .. غرق في صمت طويل ثم رفع رأسه اخيرا وقال: - اوليف ماتت وحللت مكانها .. ولكن لماذا؟! كان الجواب حاضرا في ذهنها .. لم تكن هيلاري كرافن حتى هذه اللحظه مطمئنه تماما إلى بيترتون .. وكانت تراه مزعزع الأعصاب وقد اوشك ان ينهار.. فمن دواعي الحكمه ان تحجب دونه اسرارها .. لقد قال لها في بداية الحديث انه يحسبها جاءت لكي تنقذه وتخرجه من هنا ، فلم لا تجاريه فيما اعتقد ؟ إن من الحماقه ان تصارحه بأنها مجرد جاسوسه اوفدها جيسوب لتوافيه بما تقع عليه من معلومات.. قالت تجيب على سؤاله: - كنت مع زوجتك في المستشفى حين ماتت فتطوعت لأداء هذه المهمه وقررت ان انتحل شخصيتها واسمها خاصه وان قوامي يشبه قوامها وشعري الاحمر في لون شعرها . فقال: - حقا فإن لك نفس الشعر الأحمر النحاسي .. ثم اردف : - ولكن مالرساله التي ارادت اوليف ان تبلغها إلي؟! فسألته : - اتعرف شخصا يدعى بوريس؟! - نعم .. بوريس جلايدر .. إني لم اقابله مطلقا .. ولكنه إبن عمة زوجتي السابقه ... - لقد ارادت اوليف ان تكون على حذر منه وقالت إنه خطر.. - خطر؟ ولماذا يكون خطرا علي؟! هذا عجيب.!! اتراه قابل اوليف؟! فقالت : - إنها لم تقابله ولكنها تلقت رسالة منه .. - ومالذي قاله لها؟! - هذا مالا علم لي به ، ولكنها اضافة عباره اخرى .. قالت : تذهبين تذهبين .. اذهبي وحدثيه عن بوريس .. إني لا اصدق هذا .. لا استطيع ان اصدق .. ولكن ربما كان صحيحا .. وإذا كان .. فعليه ان يكون على حذر .. وكانت هذه اخر كلمات نطقت بها .. ثم لفظت انفاسها الاخيره . - بوريس؟ ولكن .. لماذا ؟ لماذا ؟ هذا مالا استطيع ان اتبينه.. لاذ بالصمت برهة ثم عاد يقول : - يا إلهي .. لقد قضي علي بأن ابقى هنا إلى الأبد وراء القضبان .. فقالت هيلاري بصوت مليء بالثقه والإيمان : - بل لا بد ان تخرج من هنا .. - ولكن كيف ؟ كيف ؟ إن هذا لمستحيل .. فقالت : - لا مستحيل في الدنيا .. سوف نجد وسيله .. لم تكن هيلاري مؤمنه بما تقول .. ولكنها ارادت ان تبث في نفسه الشجاعة والأمل .. حتى لا تنهار اعصابه . واستطردت : - لا داعي لليأس .. هناك سجون ومعتقلات حصينه استطاع من فيها ان يهربوا منها بوسيلة ما .. بحفر نفق مثلا .. كل ما هنالك ان الأمر يحتاج إلى التأني وإلى الوقت .. فردد في يأس : - ومن أين لي الوقت ؟ ألا تعرفين مايحدث هنا؟ إنهم يريدون من العالم الذي يأتون به هنا أن ينتج شيئا .. يريدون منه ان يبحث وان يخرج عليهم باكتشاف عبقري.. أنا إن عجز .. فهل تدرين مصيره؟! فقالت : - يعيدونه إلى بلاده دون شك !! فأجاب : - بل يتخلصون منه .. يقتلونه !! - يقتلونه!! إني لا اصدق هذا .. - بل تلك هي الحقيقه .. لأنه لم يعد ذا نفع لهم بل اصبح عبئا عليهم .. وقد اصبحت انا هذا العبء المكروه فإن شعوري بأنني سجين هنا شل تفكيري ولم اعد قادرا على موالاة البحث فلم انتج شيئا منذ حضرت .. وقد ظنوا ان ابتعادي عن زوجتي هو الذي جمد عبقريتي ولذلك ارسلوا يستدعونها .. والآن وقد حضرت انت باعتبارك زوجتي .. فإنهم لن يصبروا علي اكثر من هذا .. فإما ان انتج .. وإما ان اقتل .. اخذت هيلاري بذراعه وهي تقول: - والآن فلنعد إلى جناحنا .. فقد تأخر بنا الوقت .. ثم اردفت : - نم مطمئنا فسوف نجد وسيله للفرار.. نعم .. حتما سوف نهرب .... |
| |
|